اختفت في ظروف غامضة.. الحقوقية الإيرانية روناك دشتي تدفع ثمن نضالها

اختفت في ظروف غامضة.. الحقوقية الإيرانية روناك دشتي تدفع ثمن نضالها
الحقوقية الإيرانية روناك دشتي - أرشيف

في زاوية معتمة من إيران، حيث تتحول الكلمات إلى جريمة، والاحتجاج إلى ذريعة للاختفاء، تواجه النساء واقعًا أشبه بالكابوس. ليس القمع جديدًا، لكن ما تتعرض له الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان في إيران تجاوز حدود الاحتمال.

ففي يوليو الجاري، أُضيف اسم روناك دشتي إلى قائمة النساء المغيّبات قسرًا، في حملة ممنهجة تواصل فيها السلطات الإيرانية استهداف النساء بسبب آرائهن، أو حتى بسبب تحدي قوانين الحجاب القسري، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.

في 13 يوليو الجاري، داهم عناصر من وزارة الاستخبارات الإيرانية منزل روناك دشتي الشابة الكردية التي عُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة ومشاركتها في أنشطة اجتماعية سلمية في مدينة كرماشان.

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة HRNA الحقوقية، فإن روناك اعتُقلت دون مذكرة قضائية، وتم اقتيادها إلى جهة مجهولة، بينما لم يصدر أي توضيح من السلطات حول مكان احتجازها أو حالتها الصحية.

وغاب صوت روناك، وبقيت أسرتها تتخبط بين مؤسسات الدولة دون إجابة. لم تتلقَ العائلة أي اتصال منها، ولا حتى تأكيدًا على أنها ما تزال على قيد الحياة. حالة الصمت الرسمي المريب لا تزيد سوى عمق القلق، وسط تساؤلات يائسة: أين روناك؟ ولماذا خُطفت؟

جلد وسجون وإعدامات

ليست روناك الوحيدة، فالنساء في إيران -من الناشطات إلى الطالبات والفنانات- يواجهن واقعًا لا يتوقف عند السجن، بل يمتد إلى الجلد، والتعذيب، وأحكام الإعدام.. جرائمهن؟ ارتداء غير "لائق"، تغريدة غاضبة، أو حتى مجرد المشاركة في مراسم تشييع لفتاة أخرى قتلت تحت التعذيب.

لقد تحوّل الحجاب الإلزامي إلى أداة سياسية للترهيب، تستخدمها الدولة لفرض الطاعة الكاملة، وللانتقام من كل من تجرؤ على التفكير الحر.. والمرأة في هذا السياق ليست فردًا، بل رمزًا يحرّض السلطة على القسوة.

لكن القمع لا يُمارس بعدالة حتى في وحشيته، بل يتضاعف عندما تكون المرأة من الأقليات العرقية، كما هو حال مهسا شافعي، الفتاة الكردية التي اختطفها الحرس الثوري الإيراني في محافظة ياسوج، بعد أن داهمت القوات منزلها واعتدت بالضرب على أفراد عائلتها.

حكاية مهسا ليست استثناءً، بل هي نموذج مكرّر لسياسة التمييز المنهجي ضد النساء الكرديات والبلوشيات، اللواتي يعشن في تقاطع جحيم مزدوج؛ لكونهن نساءً، ولكونهن من أقليات مهمشة.

قانون الحجاب.. سلاح ترهيب

منذ مقتل مهسا أميني في سبتمبر 2022، تحوّلت قوانين الحجاب من إجراء "ثقافي" كما تدّعي السلطات، إلى أداة مركزية في سياسة القمع. فقد أصبح مجرد تحدٍ رمزي لقواعد اللباس الرسمي كافيًا لاعتقال أي امرأة، وتعريضها للاختفاء، أو للعقوبات الجسدية، أو للوصم الاجتماعي.

في هذا المناخ، باتت كل امرأة مشروع سجين.. بات الهاتف المحمول، أو حتى رسم كاريكاتيري، دليلاً على "التمرد". وتحولت الجامعات والمقاهي والمعارض الفنية إلى ساحات مراقبة، حيث يلاحَق الفكر كما يُلاحق اللباس.

ورغم تواتر الانتهاكات، لا تزال ردود الفعل الدولية خجولة، إن لم تكن صامتة، وتصدر تقارير وإدانات بين الحين والآخر، لكنها لا تحمي المعتقلات، ولا تضغط بشكل جاد لإيقاف حملات الاعتقال، أو المطالبة بكشف مصير النساء المغيّبات في السجون الإيرانية.

وتبقى النساء مثل روناك دشتي شاهدة على منظومة قمعية لم تتراجع رغم موجات الغضب الشعبي، بل إن استهدافهن يعكس رغبة النظام في سحق رموز التحدي والكرامة، مهما كانت مسالمة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية